فصل: قال أبو السعود في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والإِثم والعدوان ومعصية الرسول تقدمت.
وأما البرّ فهو ضد الإِثم والعدوان وهو يعم أفعال الخير المأمور بها في الدين.
و {التقوى}: الامتثال، وتقدمت في قوله تعالى: {هدى للمتقين} في سورة [البقرة: 2].
وفي قوله: {الذي إليه تحشرون} تذكير بيوم الجزاء.
فالمعنى: الذي إليه تحشرون فيجازيكم.
{إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)}
تسلية للمؤمنين وتأنيس لنفوسهم يزال به ما يلحقهم من الحزن لمشاهدة نجوى المنافقين لاختلاف مذاهب نفوسهم إذا رأوا المتناجين في عديد الظنون والتخوفات كما تقدم.
فالجملة استئناف ابتدائي اقتضته مناسبة النهي عن النجوى، على أنها قد تكون تعليلًا لتأكيد النهي عن النجوى.
والتعريف في {النجوى} تعريف العهد لا محالة.
أي نجوى المنافقين الذين يتناجون بالإِثم والعدوان ومعصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
والحصر المستفاد من {إنما} قصر موصوف على صفة و{من} ابتدائية، أي قصر النجوى على الكون من الشيطان، أي جائية لأن الأغراض التي يتناجون فيها من أكبر ما يوسوس الشيطان لأهل الضلالة بأن يفعلوه ليحزن الذين آمنوا بما يتطرقهم من خواطر الشر بالنجوى.
وهذه العلة ليست قيدًا في الحصر فإن للشيطان عللًا أخرى مثل إلقاء المتناجين في الضلالة، والاستعانة بهم على إلقاء الفتنة، وغير ذلك من الأغراض الشيطانية.
وقد خصت هذه العلة بالذكر لأن المقصود تسلية المؤمنين وتصبرهم على أذى المنافقين ولذلك عقب بقوله: {وليس بضارهم شيئًا} ليطمئن المؤمنون بحفظ الله إياهم من ضر الشيطان.
وهذا نحو من قوله تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} [الحجر: 42]
وقرأ نافع وحده {ليُحزن} بضم الياء وكسر الزاي فيكون {الذين آمنوا} مفعولًا.
وقرأه الباقون بفتح الياء وضم الزاي مضارع حزم فيكون {الذين آمنوا} فاعلًا وهما لغتان.
وجملة {وليس بضارهم} إلخ معترضة.
وضمير الرفع المستتر في قوله: {بضارهم} عائد إلى {الشيطان}.
والمعنى: أن الشيطان لا يضرّ المؤمنين بالنجوى أكثر من أنه يحزنهم.
فهذا كقوله تعالى: {لن يضروكم إلى أذى} [آل عمران: 111] أو عائد إلى النجوى بتأويله بالتناجي، أي ليس التناجي بضارّ المؤمنين لأن أكثره ناشئ عن إيهام حصول ما يتقونه في الغزوات.
وعلى كلا التقديرين فالاستثناء بقوله: {إلا بإذن الله} استثناء من أحوال والباء للسببية، أي إلا في حال أن يكون الله قدّر شيئًا من المضرة من هزيمة أو قتل.
والمراد بالإِذن أمر التكوين.
وانتصب {شيئًا} على المفعول المطلق، أي شيئًا من الضر.
ووقوع {شيئًا} وهو ذكره في سياق النفي يفيد عموم نفي كل ضرّ من الشيطان، أي انت في كل شيء من ضر الشيطان عن المؤمنين، فيشمل ضر النجوى وضر غيرها، والاستثناء في قوله تعالى: {إلا بإذن الله} من عموم {شيئًا} الواقع في سياق النفي، أي لا ضرًا ملابسًا لإِذن الله في أن يسلط عليهم الشيطان ضره فيه، أي ضر وسوسته.
واستعير الإِذن لما جعله الله في أصل الخلقة من تأثر النفوس بما يسوّل إليها.
وهو معنى قوله تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} [الحجر: 42] فإذا خلى الله بين الوسوسة وبين العبد يكون اقتراب العبد من المعاصي الظاهرة والباطنة في كل حالة يبتعد فيها المؤمن عن مراقبة الأمر والنهي الشرعيين.
وهذا الضر هو المعبر عنه بالسلطان في قوله تعالى في شأن الشيطان: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلاّ من اتّبعك من الغاوين} أي فلك عليه سلطان.
وهذه التصاريف الإلهية جارية على وفق حكمة الله تعالى وما يعلمه من أحوال عباده وسرائرهم وهو يعلم السر وأخفى.
ولهذا ذيل بقوله: {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} لأنهم إذا توكلوا على الله توكلًا حقًا بأن استفرغوا وسعهم في التحرز من كيد الشيطان واستعانوا بالله على تيسير ذلك لهم فإن الله يحفظهم من كيد الشيطان قال تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [الطلاق: 3].
ويجوز أن يكون عموم {شيئًا} مرادًا به الخصوص، أي ليس بضارّهم شيئًا مما يوهمه تناجي المنافقين من هزيمة أو قتل إلا بتقدير الله حصول هزيمة أو قتل.
والمعنى: أن التناجي يوهم الذين آمنوا ما ليس واقعًا فأعلمهم الله أن لا يحزنوا بالنجوى لأن الأمور تجري على ما قدره الله في نفس الآمر حتى تأتيهم الأخبار الصادقة.
وتقديم الجار والمجرور في قوله تعالى: {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} للاهتمام بمدلول هذا المتعلق. اهـ.

.قال ابن عطية في الآيات السابقة:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ}
هذه الآية نزلت في قوم من اليهود نهاهم رسول الله عن التناجي بحضرة المؤمنين وإظهار ما يستراب منه من ذلك فلم ينتهوا، فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد وقتادة. وقال ابن عباس نزلت في اليهود والمنافقين.
وقرأ جمهور القراء والناس: {ويتناجون} على وزن يتفاعلون، وقرأ حمزة والأعمش وطلحة وابن وثاب {وينتجون} على وزن يفتعلون وهما بمعنى واحد كيقتتلون ويتقاتلون وفي مصحف عبد الله بن مسعود: {وعصيان الرسول}.
وقوله تعالى: {وإذا جاؤوك حيوك} الآية، يريد بذلك ما كانت اليهود تفعله من قولهم في التحية السام عليك يا محمد، وذلك أنه روي أن اليهود كانت تأتي فتقول: السام عليك يا محمد، والسام: الموت، وإياه كانوا يريدون، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وعليكم»، فسمعتهم عائشة يومًا فقالت: بل عليكم السام واللعنة، فقال رسول الله: «مهلًا يا عائشة إن الله يكره الفحش والتفحش»، قالت: أما سمعت ما قالوا؟ قال: «أما سمعت ما قلت لهم؟ إني قلت وعليكم». ثم كشف الله تعالى خبث طويتهم والحجة التي إليها يستروحون، وذلك أنهم كانوا يقولون: نحن الآن نلقى محمدًا بهذه الأمور التي تسوؤه ولا يصيبنا سوء، ولا يعاقبنا الله بذلك، ولو كان نبيًا لهلكنا بهذه الأقوال، وجهلوا أن أمرهم مؤخر إلى عذاب جهنم، فأخبر الله بذلك وأنها كافيتهم. وقال ابن عباس: هذه الآية كلها في منافقين، ويشبه أن من المنافقين من تخلق في هذا كله بصفة اليهود.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ}
وصى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بأن لا يكون لهم تناج في مكروه، وذلك عام في جميع الناس إلى يوم القيامة. وخص (الإثم) بالذكر لعمومه {والعدوان} لعظمته في نفسه، إذ هي ظلامات العباد، وكذلك {معصية الرسول} ذكرها طعنًا على المنافقين إذ كان تناجيهم في ذلك.
وقرأ جمهور الناس: {فلا تتناجوا} على وزن تتفاعلوا، وقرأ ابن محيصن {تناجوا} بحذف التاء الواحدة. وقرأ بعض القراء: {فلا تّناجوا} بشد التاء لأنها أدغمت التاء في التاء، وقرأ الأعمش وأهل الكوفة: {فلا تنتجوا} على وزن تفتعلوا. والناس: على ضم العين من {العُدوان}. وقرأها أبو حيوة بكسر العين حيث وقع. وقرأ الضحاك وغيره: {ومعصيات الرسول} على الجمع فيهما.
ثم أمر بالتناجي {بالبر والتقوى}، وذكر بالحشر الذي معه الحساب ودخول أحد الدارين وقوله تعالى: {إنما النجوى}، ليست {إنما} للحصر ولكنها لتأكيد الخبر.
واختلف الناس في {النجوى} التي هي {من الشيطان} التي أخبر عنها في هذه الآية، فقال جماعة من المفسرين أراد: {إنما النجوى} في الإثم والعدوان ومعصية الرسول {من الشيطان}، وقال قتادة وغيره: الإشارة إلى نجوى المنافقين واليهود، وقال عبد الله بن زيد بن أسلم: الإشارة إلى نجوى قوم من المسلمين كانوا يقصدون مناجاة النبي عليه السلام، وليس لهم حاجة ولا ضرورة إلى ذلك، وإنما كانوا يريدون التبجح بذلك، وكان المسلمون يظنون أن تلك النجوى في أخبار بعد وقاصد أو نحوه.
قال القاضي أبو محمد: وهذان القولان يعضدهما ما يأتي من ألفاظ الآية، ولا يعضد القول الأول. وقال عطية العوفي في هذه الآية: نزلت في المنامات التي يراها المؤمن فتسوءه، وما يراه النائم فكأنه نجوى يناجى بها.
قال القاضي أبو محمد: وهذا قول أجنبي من المعنى الذي قبله والذي بعده.
وقرأ نافع وأهل المدينة: {ليُحزِن} بضم الياء وكسر الزاي، والفعل مسند إلى {الشيطان}، وقرأ أبو عمرو والحسن وعاصم وغيرهم: {ليَحزُن} بفتح الياء وضم الزاي، تقول حزُنت قلب الرجل: إذا جعلت فيه حزنًا، فهو كقولك كحلت العين، وهو ضرب من التعدي، كأن المفعول ظرف. وقد ذكر سيبويه رحمه الله هذا النوع من تعدي الأفعال، وقرأ بعض الناس: {ليَحزَن} بفتح الياء والزاي. و: {الذين} على هذه القراءة رفع بإسناد الفعل إليهم، يقال حَزِن الرجل بكسر الزاي.
ثم أخبر تعالى أن الشيطان أو التناجي الذي هو منه ليس بضار أحدًا إلا أن يكون ضر بإذن الله أي بأمره وقدره. ثم أمر بتوكل المؤمنين عليه تبارك وتعالى: وهذا كله يقوي أن التناجي الذي من الشيطان إنما هو الذي وقع منه للمؤمنين خوف، وللخوف اللاحق للقلوب في هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يتناجى اثنان دون الثالث». اهـ.

.قال أبو السعود في الآيات السابقة:

وَقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا في السموات وَمَا فِي الأرض} استشهادٌ على شمولِ شهادتِهِ تعالى كَمَا فِي قولهِ تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذي حَاجَّ إبراهيم في رِبّهِ} وَفِي قولهِ تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ في كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ} أي ألمْ تَعلمْ علمًا يقينيًا متاخمًا للمشاهدةِ بأنَّه تعالى يعلمُ مَا فِيهمَا مِنَ الموجوداتِ سواءٌ كانَ ذلكَ بالاستقرار فيهمَا أو بالجزئيةِ منهُمَا وَقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نجوى ثلاثة} إلخ استئنافٌ مقررٌ لِمَا قَبْلَهُ من سعةِ علمِهِ تعالى وَمُبينٌ لكيفيتهِ ويكونُ منْ كانَ التامةِ وقرئ تكونُ بالتاءِ اعتبارًا لتأنيثِ النَّجوى وإنْ كانَ غَيْرَ حقيقيَ أيْ ما يقعُ من تناجي ثلاثةِ نفرٍ أي منْ مسارتهم على أنَّ نَجْوى مضافةٌ إلى ثلاثةٍ أوْ عَلَى أَنَّها موصوفةٌ بِها إمَّا بتقديرِ مضافٍ أيْ منْ أهلِ نَجْوى ثلاثةٍ أو يجعلهُمْ نَجْوى فِي أنفسهِم مبالغةً {إِلاَّ هُوَ} أي الله عزَّ وجلَّ: {رَّابِعُهُمْ} أيْ جاعلُهم أربعةً منْ حيثُ إنَّه تعالى يشاركهُمْ فِي الاطلاعِ عَلَها وهُوَ استثناءٌ مفرعٌ مِنْ أعمِّ الأحوالِ {وَلاَ خَمْسَةٍ} ولا نجوَى خمسةٍ {إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} وتخصيصُ العدَدينِ بالذكرِ إما لخصوصِ الواقعةِ فإنَّ الآيةَ نزلتْ في تناجي المنافقينَ وإمَّا لِبناءِ الكلامِ عَلى أغلبِ عاداتِ المتناجينَ وقدُ عممَ الحكمَ بعدَ ذلكَ فقيلَ: {وَلاَ أدنى مِن ذَلِكَ} أيْ ممَّا ذُكرَ كالواحدِ والاثنينِ {وَلاَ أَكْثَرَ} كالستةِ وما فوقَها {إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ} يعلمُ مَا يَجْرِي بينَهم وقرئ {ولاَ أكثرُ} بالرفعِ عطفًا عَلى محلِ {منْ نَجْوى} أو محلِ {ولا أدْنَى} بأنْ جُعِلَ لاَ لنفي الجنس {أَيْنَ مَا كَانُواْ} من الأماكنِ ولو كانُوا تحتَ الأرضِ فإنَّ علمَهُ تعالى بالأشياءِ ليسَ لقربٍ مكانيَ حتَّى يتفاوت باختلافِ الأمكنةِ قُربًا وبُعدًا {ثُمَّ يُنَبّئُهُم} وقرئ {يُنْبِئَهُمْ} بالتَّخفيفِ {بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ القيامة} تفضيحًا لَهُمْ وَإِظهارًا لما يوجبُ عذابَهُم {أَنَّ الله بِكُلّ شيء عَلِيمٌ} لأنَّ نسبةَ ذاتِهِ المقتضيةِ للعلمِ إلى الكُلِّ سواءٌ.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نُهُواْ عَنِ النجوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ} نزلتْ في اليهودِ والمنافقين كانوا يتناجَونَ فيما بينهُمْ ويتغامزونَ بأعينِهمْ إذَا رأَوْا المؤمنينَ فنهاهُمْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ عادُوا لمثلِ فعلِهمْ والخطابُ للرسولِ عليه الصلاةُ والسَّلامُ والهمزةُ للتعجيبِ منْ حالهِمْ وصيغةُ المضارعِ للدلالةِ عَلَى تكررِ عَودِهمْ وتجددِهِ واستحضارِ صورتِهِ العجيبةِ وقولهِ تعالى: {ويتناجون بالإثم والعدوان وَمَعْصِيَتِ الرسول} عطفٌ عليهِ داخلٌ في حُكمهِ أيْ بِمَا هُوَ إثمٌ في نفسِهِ وعدوانٌ للمؤمنينَ وتواصٍ بمعصيةِ الرسولِ عليهِ الصلاةُ والسَّلامُ وذكرُهُ عليِهِ الصلاةُ والسلامُ بعنوانِ الرسالةِ بينَ الخطابينِ المتوجهينِ إليهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ لزيادةِ تشنيعِهِم واستعظامِ معصيتِهم وقرئ {وينتجونَ بالإثمِ والعِدْوَانِ} بكسر العَين ومعصياتِ الرسولِ: {وَإِذَا جَاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ الله} فيقولونَ: السامُ عليكمْ. أو أنعِمْ صَباحًا والله سبحانه يقول: {وسلام على المرسلين} {وَيَقولونَ في أَنفُسِهِمْ} أيْ فِيمَا بينهُمْ {لَوْلاَ يُعَذّبُنَا الله بِمَا نَقول} أيْ هلاَّ يعذبُنَا الله بذلكَ لوْ كانَ محمدٌ نبيًا {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ} عذابًا {يَصْلَوْنَهَا} يدخلونَها {فَبِئْسَ المصير} أيْ جهنمُ {يا أيها الذين ءامَنُواْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ} فِي أنديتِكُمْ وَفِي خلواتِكم {فَلاَ تتناجوا بالإثم والعدوان وَمَعْصِيَةِ الرسول} كما يفعلُه المنافقونَ وقرئ {فلا تنتجُوا} و{فلا تناجَوا} بحذفِ إحدَى التاءين {وتناجوا بالبر والتقوى} أيْ بما يتضمنُ خيرَ المؤمنين والاتقاءَ عن معصيةِ الرسولِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ. {واتقوا الله الذي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} وحْدَهُ لاَ إلى غَيْرِهِ استقلالًا أوِ اشتراكًا فيجازيكُم بكُلِّ ما تأتونَ وتذرونَ {إِنَّمَا النجوى} المعهودةُ التِي هِيَ التناجِي بالإثمِ وَالعدوانِ {مِنَ الشيطان} لاَ مِنْ غَيْرِهِ فإنَّه المزينُ لَها والحاملُ عَليهَا وقولهِ تعالى: {لِيَحْزُنَ الذين ءامَنُواْ} خبرٌ آخرُ أيْ إنَّما هِيَ ليحزنَ المؤمنينَ بتوهمهمْ أنَّها فِي نكبةٍ أصابتهُمْ {وَلَيْسَ بِضَارّهِمْ} أي الشيطانُ أو التناجِي بضارِّ المؤمنينَ {شَيْئًا} مِنَ الأشياءِ أو شيئًا منَ الضررِ {إِلاَّ بِإِذْنِ الله} أيْ بمشيئتِه {وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون} ولا يبالُوا بنجواهُم فإنَّه تعالى يعصمُهم منْ شرِّهِ وضرِّهِ. اهـ.